تقرأ بعد انجيل قداس يوم الخميس من الأسبوع السابع من الصوم الكبير
تتضمن قبح مجازاة العاصين وعظم العناية بالأبرار الطائعين .
مرتبه على فصل انجيل الزنادقة منكرى القيامة :
( مر 12 : 18 - 27 )
إذا كان الأموات يقومون . والأمم يحاسبون . والديان يجلس للمحاكمة . والأبرار يتنعمون والاشرار يعاقبون . فما بالنا نوجد هكذا متكاسلين غافلين متهاونين فى أسباب خلاصنا ؟
وإذا كان الذين يعملون الفضائل من كونهم أصحاب مشغوليات كثيرة قد تفرغوا للعبادة . فكيف يقول الكسالى فى عمل الفضائل : كيف يمكننا مع مشغوليتنا فى المهام العالمية أن نتقف ذواتنا . ونتمم الأعمال المفروضة علينا . فأقول لهم اسمعوا ما جاء بالكتب الإلهية عن ابراهيم واسحق ويعقوب وأمثالهم من أرباب المصالح والمشغوليات كيف كان سلوكهم بالطاعة والعبادة . وهم بين الأشرار . إنهم لم يكونوا يشاهدون هذه الأعمال ويتجنبون المفاوضة مع الذين يرتكبونها . بل كانوا يوبخونهم وينصحونهم ويبالغون فى وعظهم وإرشادهم إلى الطريق المستقيم .
أما المعاصرون لنوح الصديق فلم يرجعوا عن شرورهم وهم يرونه يجمع الأخشاب ويستحضر النجارين . ويهيئ آلات السفينة . ومع ذلك كان ينذرهم ويتهددهم ويحذرهم حلول الهلاك الشامل لجميعهم والبلاء الذى سينصب عليهم . ولكن كل واحد منهم كان سائراً فى هواه . مسترسلا مع شهواته . إلى ان غرقوا فى المياه الغامرة وشملهم الهلاك أجمعين .
وكذلك المعاصرون للوط البار . فإنه كان سائراً بينهم سيرة صالحة . وإذ لم يرجعوا بواسطة إرشاده لهم عن أعمالهم الشريرة . ولم يعتبروا نصيحته لهم . أمطرت عليهم السماء ناراً وكبريتاً مع بروق ورعود وصواعق هائلة .
فيا لعظم شر الخطية ! كيف تغلق ابواب الرحمة . وتسد مسالك المغفرة . وتصب الانتقام الشديد . وتوقع المهالك الهائلة .
ويا لسماجة المعصية ! كيف تغير طبائع المخلوقات . وتخرج سياج العادات حتى يمطر السماء ناراً ملتهبة . وترسل السحب الصواعق المهلكة وتنفجر من الارض ينابيع المياه الغامرة . ويعم الهلاك أنواع الحيوانات والحشرات والدبابات وطيور السماء .
وبمثل هذه الوقائع يتم قوله تعالى بلسان النبى : " فأنا ايضاً أختار مصائبهم ومخاوفهم أجلبها عليهم . من أجل أنى دعوت فلم يكن مجيب . تكلمت فلم يسمعوا بل عملوا القبيح فى عينى واختاروا ما لم أسر به " ( اش 66 : 4 ) .
لقد رأيتم سوء عقاب العصاة فانظروا إلى حسن ثواب الطائعين وتأملوا عظم عناية الله بنوح الصديق كيف حصنه بأسوار الشفقة وأسبل عليه ستور الرأفة . وجرد العناية لخلاصه . وامره بعمل السفينة فأنقذه من وسط الهلاك . وملأ الاقطار من نسله وأبقى ذكره على مدى الاجيال ووصفه بصفات جميلة جليلة . انظروا أيضاً إلى الاهتمام بلوط البار كيف ارسل الله إليه الملائكة واعلمه بهلاك المدينة وأرشده إلى طريق النجاة وانقذه من عقوبة الاشرار . وامر السحب أن لا تنزل نيرانها ولا ترعب برعودها ولا تزعج بصواعقها حتى يخرج من المدينة لوط وزوجته وأهل بيته . ويصيروا إلى الجهة المأذون لهم بالانتقال اليها . واعتبروا صفات أب الآباء ابراهيم كيف استحق بأعماله الفاضلة وطاعته الكاملة أن يضيف الله تعالى . وان يخاطبه بأعظم الرحمة وأتم السهولة . وان يجعل نسله كنجوم السماء ورمل البحر . وان يكون اباً للأنبياء والمرسلين والصديقين . وأن يتكئ فى أول وليمة فى الملكوت .
وإذ قد علمنا الآن ثواب الأبرار وسوء منقلب الاشرار . فسبيلنا أن نصلح أعمالنا . وننبه عقولنا . لنصل إلى أحضان آبائنا القديسين الابرار . ابراهيم واسحق ويعقوب . فى ملكوت ربنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الابد . آمين .