Search

حياته وسيرته

vبدايته وتربيته وخدمته:

اتسم البيت الذي نشأفيه سعد عزيز بالتقوي والصلاح وكانت امه - وهي من اسرة كهونتية عريقة – من المتعبدات القديسات حقاً ومع انها فقدت زوجها في سن مبلكرة الا انها ثابرت علي فعل الخير واضافة الغرباء وظل بيتها مفتوحاً لمحبي الرب واخوة يسوع تقوم علي خدمتهم بفرح دون كلل رغم مرضها وضعف ساقيها .

وبدات صلة سعد بالله مبكراً كما بدا اهتمامه بالخدمة في مقتبل عمره فاخذ يواظب علي حضور اجتماع الشباب الذي كان يعقد مساء كل خميس بكنيسة مارمرقس بالجيزة سنة 1937 حينما التحق بكلية الحقوق بجامعة فواد الاول (جامعة القاهرة) واقبل علي الخدمة بنشاط وحماس وفي فترة وجيزة استطاع –بمواهبه الممنوحة له من الله – ان يتقدم بوداعة كل صفوف الخدام وان يصبح اميناً ومدرساً لقسم الدراسات التربوية باجتماع الشباب الجامعي كان يبذل جهداً جباراً ويصرف الساعات الطويلة في خدمة الافتقاد بل كان ينتظر توزيع جدول خدمة اطفال القري الاسبوعي ويتلقف بفرح القرية البعيدة والصعبة في مواصلاتها حتي اصبح معروفاً بين الخدام بحب الخدمة الصعبة وافتقاد القري النائية وقد بادله اطفال تلك القري حباً بحب وكانوا ينظمون الترانيم له ويستقبلونه بها.

ولم يقنع سعد عزيز بخدمة الاطفال التي اكتفي بها شركاؤه في الخدمة بسبب مسئوليتهم الدراسية الجامعية بل اقتحم مجال خدمة الكبار ايضاً بقلب يفيض حباً للقروين غير عابئ بالصعاب وبالجهدوبالليالي الطويلة التي كان يصرفها في القري خاصة في الشتاء ببرده القارس وقد نبع اهتمامه هذا من ايمانه بالخدمة "اذ الضرورة موضوعة عليه" وبان خدمة الكنيسة تبدا بخدمة القرية وطفل القرية متشبهاً بسيده الذي كان يجول في القري يصنع خيراً ويشفي المتسلط عليهم ابليس .

ولم تمثل الخدمة في حياة سعد عزيز نشاطاً جانبياً بل كانت في الواقع لب حياته وشغله الشاغل فبيته بيت للخدام جميعاً حيث كانوا يلتقون للصلاة وتدارس احتياجات القري بكل الحب والاهتمام بينما تقوم امه التقية علي خدمتهم بكل حنان وحماس ومصروفه الخاص المحدود قد خصصه لشراء الحلوي والهدايا المناسبة لاطفاله كيما يدخل علي قلوبهم السعادة ووقته موزع بين اهتمامات الخدمة المتعددة الجوانب واعداد برامج مختلفة من الانشطة لاطفاله مثل زيارة الكنائس المجاورة بالنسبة للقري التي لاتوجد بها كنائس كي ينالوا بركات القداس الالهي وزيارة المدينة حيث يلتقون باطفالها ويقضون يوماً في ضيافتهم وفق برنامج حافل يعده بنفسه ويشرف علي تنفيذه بالاضافة الي برامج الاعياد والاحتفالات المقدسة واعداد ملابس العيد وهداياه الخاصة وكان يعمل بهدوء ووداعة فائقة تميز بها تزينه حكمة الشيوخ وهو بعد في مقتبل العمر يؤمن ان الخير اقوي من الشر والحب اقويمن الكراهية والسكون اقوي من الصخب والضجيج والوداعة واللين اقوي من العنف والعمل افعل من الكلام وهكذا اعطي نفسه مثلاً حياً يقتدي به .

وكان رجل ايمان يؤمن بالكلمة المكتوبة "لاتهتموا بالغد" لقد في الله الاب اباً حبيباً وقريباً انساه حرملنه من والده فلم يدفعه تيتمه صغيراً الي التعاسة والضياع بل الي الالتصاق بابيه السماوي والدخول معه في شركة حميمة وقوية والثقة في قدرته علي ان يملأ جميع احتياجاته العاطفية والروحية والجسدية وهي ثقة لازمته طوال حياته وطبعت كل خطواته واعماله وحررته من القلق والارتباك ورسمت علي محياه تلك البسمة المشرقة التي لم تكن تفارقه وساعدته علي الا يتطلع الي الوراء اطلاقاً بعدما وضع يده علي المحراث ليخدم في فلاحة الله وجعلت منه – وهو بعد غض الاهاب-       رجل راكعاً مصلياًامام هيكل كنيسة مارمرقس فاذا ما اعترضت الخدمة مشكلة ما هرع اليه زملاؤه طلباً في الحل هرع معهم الي عرش النعمة فتتحلحل العقد وتنتهي المشاكل بصورة معجزية.

ولما تخرج من كلية الحقوق كان الاتجاه الطبيعي ان يحصل علي عمل ليتسني لاخوته الاخرين مواصلة دراستهما الجامعية والتحق فعلاً بالبنك الاهلي ولكن الشاب الذي داب علي كتابة عبارة "ماذا تريد يارب ان افعل ؟" علي صفحات مذكرات كلية الحقوق لم يسترح في مكانه الجديد ولم يصرفه نجاحه في عمله وتقدير رؤسائه له عن ترديد السؤال عينه كما لم تثنه ظروف عائلته واحتياجاتها المالية ولما جاءه الجواب المقنع من اعماق قلبه الذي احب الله قدم استقالته وسار في طريق التكريس الذي رسمه الله له وانصرف بكليته لخدمة مدارس الاحد بالجيزة واستطاع ان يخلق روح التكريس وحب الخدمة في عشرات من الشباب حوله ومواصلة لطريق التكريس تقدم مع اثنين من زملائه للالتحاق بالكلية الاكليريكية بمهمشة فرحب بهم المتنيح الارشيدياكون حبيب جرجس الذي كان شديد الاعجاب بشخصية الشماس سعد عزيز وافتتح لهم – ولاول مرة- فصلاً جامعياً خاصاً ببرنامج خاص واساتذة متخصصين وحصل سعد عزيز علي بكالوريس الكلية الاكليريكية سنة 1944.

وقاده الرب الذي اسلم له حياته الي الالتحاق بقسم التربية في الجامعة الامريكية حيث اتقن اللغة الانجليزية الي جانب الدراسات التربوية وحصل علي درجة البكالوريس الجامعية وكان واضحاً ان الله كان يعده لحمل مسئوليات كنيسيةووطنية هامة تميزت بها سنوات خدمته فيما بعد .

وجاته الدعوة الاولي من اثيوبيا علي اثر تخلصها من الاحتلال الايطالي وافتتاح مدرسة اكليريكية في العاصمة اديس ابابا وسافراليها ضمن بعثة من ثلاثة كانت اولي البعثات القبطية التي تذهب خصيصاً لدراسة الاهوت وادارة الكلية الاكليريكية .

ونقل سعد عزيز نشاطه المعتاد الي العاصمة الاثيوبية فتطوع الي جانب عمله بالاكليريكية لتدريس في مدرسة المعلمين بلا مقابل وفتح بيته وقلبه للشباب الاثيوبي ونظم اجتماعاً اسبوعياً لدرس الكتاب المقدس الي جانب الاجتماعات المتفرقة والفردية لمساعدة الشباب الاثيوبي روحياً وعملياً واهتم ببذر مدارس الاحد التي لم تكن مالوفة في تلك البلاد وقدم حياة التقوي والتعفف والزهد والعطاء المستمر اليت قادها مثالاً حياً لاخوانه الاثيوبين.

واحتضن قضية العلاقات بين الكنيستين الاثيوبية والمصرية وكان قريباً جداً الي قلب المتنيح الانبا كيرلس مطران اثيوبيا ووقف بحزم ضد التيار الداعي الي انفصال الكنيستين بصورة اتو باخري تحت مختلف الادعاءات وكان يجاهر بارائه في صدق ووداعة حيثما واتته الفرصة كما كان يبعث بهذه الاراء الي القاهرة لتصل اسماع المسئولين وتبصرهم بحقائق الموقف هناك .

واثر العودة الي مصر بعد ما اتم سنتين من الخدمة الحافلة في تلك البلاد وغادرها في صيف سنة 1946 وقد ترك بها ذكري عطرة وظل اسمه يتردد علي السنة عارفيه هناك لسنوات طويلة ومما يجدر ذكره ان امبراطور اثيوبيا انعم عليه في يونيو 1958بوسام نجمة اثيوبيا بدرجة فارس تقديراً لخدماته.

vالراهب مكاري السرياني:

عاد الشماس سعد عزيز من اثيوبيا الي الجيزة التي احبها واحبته وباشر خدمة القري بنشاط جم ووداعة منقطعة النظير تساعده علي ذلك موهبة نادرة تمكنه من القيام بعدة خدمات مختلفة في وقت واحد مع اتقانها بصورة فائقة وفي زحام العمل المتواصل لم تغب رغبته الثابته في تكريس حياته بالكامل لله وظل يردد في صلاته وصلاته كانت صلة مستمرة مع الهه السؤال المحبب الي قلبه "ماذا تريد يارب ان افعل" ولما جاءه الجواب في النهاية ووضحت الطريق امامه كاشف اصدقائه شركاءه في الخدمة بعزمه علي الانخراط في سلك الرهبنة كان ذلك في ليلة من ليالي شهر مارس سنة 1948 وكانت ليلة ايلاء حاول فيها اصدقاؤه ان يثنوه عن عزمه لتصورهم ان الطريق الي الرهبنة انذاك كان وعراً وانه من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان يحقق الشماس سعد عزيز رغبته اما هو فبقي صامداً مؤكداً ان الله قد اختار له هذه الطريق وانه لهذا سيذلل كل العقبات ويفتح جميع الابواب المغلقة فهو الذي "يفتح ولا احد يغلق".

ومع تباشير الفجر استقر الراي علي التوجه الي ابيهم الروحي واب اعترافاتهم القمص مينا المتوحد في كنيسة بمارمينا مصر القديمة علي امل ان ينجح في اقناع سعد عزيز بالعدول عن عزمه ورحب بهم رجل الله ولما عرف الموضوع دخل الي داخل المذبح وقضي فترة في الصلاة عاد بعدها اليهم بقراره الحاسم "نرسمه راهباً حسب مشيئة الله " في دير مارمينا بمصر القديمة ولم يكن القرار هيناً بالنسبة لرجل الله المتوحد فعلاقته بالبطريركية وقتها لم تكن كما يجب واحتضانه لابنائه الجامعين كان من شانه ان يفتح الباب لمشاكل عدة مع الرئاسات الدينية ويغلق ابواب الاديرة في وجوهم .

وتمت رسامة سعد عزيز بصورة معجزية بيد رجل الله المتوحد مارس سنة 1948 باسم الراهب مكاري او الحقير مكاري كما كان يلذ له ان يدعو نفسه ويذيل كل خطاباته وبقي في دير مارمينابمصر القديمة مايقرب من ثلاث سنوات في خضوع وطاعة لرجل الله المتوحد الذي وضع فيه كل ثقته واحاطه بابوته وحبه ودربه علي حياة الرهبنة بكل ما فيها من اختبارات وصعوبات ثم اضطر فيما بعد الي ارساله الي دير الانبا صموئيل الذي كان ومن هناك توجه الي دير السيدة العذراء السريان حيث استقر طوال حياته الرهبانية وهناك دأب الراهب مكاري علي تدوين اقوال الاباء بخط يديه وبخاصة ما يتعلق بالتواضع الذي تميز به.

وكان من حسن الطالع ان وقع علي الراهب مكاري اختيار غبطة البابا يوساب الثاني ليراس وفد الكنيسة القبطية الي الاجتماع الثاني للجمعية العامة لمجلس الكنائس العالمي الذي عقد في مدينة ايفانستون بالولايات المتحدة الامريكية وكان هذا اول انفتاح للكنيسة القبطية علي العالم بعد قرون طويلة من العزلة ونجح القمص مكاري والوفد المرافق له في تحقيق الهدف الذي توخاه البابا ومحبو الكنيسة من ايفادهم اذ اعطوا العالم صورة مشرقة ومشرفة عن كنيستهم وتاريخهاالمجيد وكان هذا بداية سجل حافل من العمل المسكوني الرائع الذي قام به القمص مكاري السرياني (الانبا صموئيل فيما بعد) بكل همة وتفان .

وقد هيا الله له فرصة البقاء في الولايات المتحدة للدراسة في جامعة برنستون علي منحة دراسية جاءته علي غير انتظار لم يسع هو اليها بل سعت هي اليه بل والعجيب انه انزعج حين علم بها علي اعتباره راهباً ادي مهمته في الولايات المتحدة الامريكية وعليه العودة الي ديره ولم تكن الدراسة هدفاً في ذاتها بل كان الهدف هو العمل علي انشاء اول كنيسة في امريكا وجاءت المبادرة من سفير مصر في امريكا –الدكتور احمد حسين – حين اطلع القمص صليب سوريال عضو الوفد الي مؤتمر مجلس الكنائس علي ملف خاص بانشاء كنيسة قبطية هناك واقترح بقاء الوفد لزيارة ارجاء الولايات المتحدة وعمل الدراسات اللازمة لاقامة هذه الكنيسة واقترح القمص صليب سوريال من جانبه ان يكون المسعي هو حصول الاب مكاري علي منحة دراسية ليتسني له البقاء دون تثقيل علي السفارة ومواصلة العمل علي مشروع الكنيسة وقد كان فجاءته المنحة بتزكية من دكتور بادو رغم ان وقت المنح قد انتهي من شهور.

ولقد اغتبط البابا يوساب الثاني بهذا التطور وكتب الي الاب مكاري يشجعه ويبارك جهوده ويعده بالصلاة حتي يتحقق المشروع .

ونجح القمص مكاري رجل الصلاة الذي تعلم الايهتم بالغد وان يلقي رجاءه علي الله الحي فحصل علي درجة ماجيستر في التربية وكان موضوع رسالته "التربية المسيحية في الكنيسة القبطية " وبذر البذرة لاقامة اول كنائس المهجر قبل ان تبدا فكرة الهجرة ذاتها بسنوات وصار بحق الرائد الاول في خدمة بلاد المهجر واروبا تلك الخدمة التي ملكت عليه قلبه وانشغل بها فكرة الذي كان دائماً يسبق فكر الكنيسة بسنوات عديدة وصار بحق اب المغتربين كل المغتربين وراعيهم الصالح الامين يعرف كل واحد منهم باسمه ويعرف عنه الكثير من دقائق حياته ويشاركه افراحه واحزانه ويهتم بمشاكلهم ويصلي من اجله وكان من عاداته كلما وصل الي احدي المدن الامريكية او الاوربية او الاسترالية او اية مدينة في اي مكان اخر ان يتصل بافراد الجالية القبطية فيها ليطمئن عليهم ويسجل في ذاكراته التي ميزها الرب بقدرة خارقة علي الاختزان تطوراتهم واحتياجاتهم التي لم يكن يالو جهداً في العمل علي توفيرهم لهم.

vالقمص مكاري السرياني:

فور حصول الاب مكاري علي درجة الماجيستير بدا في التحضير للدكتوراة ولكن الظروف التي لم تمهله ليكمل ما بداه فقد طلبت منه الكنيسة في مصر العودة للوطن لينضم الي هيئة التدريس في الكلية الاكليريكية للحاجة الملحة اليه وكابن تعلم الطاعة تخلي عن دراسته وتنازل عن طموحته العلمية وعاد الي القاهرة في عام 1955.

وشهدت الكلية الاكليريكية تطوراً كبيراً بفضل صلواته ومجهوداته التي كان يبذلها بغير حدود فقد قام بنقلها من مقرها القديم في مهمشة لتشغل الدور الاول من مبني الانبا رويس (المقر الباباوي حالياً) فور استكمال بنائه واسهم اسهاماً فعالاً في افتتاح القسم العالي بها كما كان صاحب الفضل الاكبر في انشاء مبناها الجديد الحالي ومبني القسم الداخلي بها وساعد علي تزويد مكتبتها بقدر هائل من الكتب اللاهوتية والعلمية عن طريق اتصالاته بالهيئات التي تهتم بكليات اللاهوت .

والي جانب تدريسه مادة اللاهوت الرعوي بالكلية تولي الاشراف علي الطلبة فعاش معهم واهتم اهتماماً خاصاً بحياتهم الروحية وراقب بودعته وحدبه نموهم وتقدمهم واعتني بامورهم الشخصية والعائلية وبالتغلب علي مشاكلهم المادية كما كان يتتبعهم بعد تخرجهم ويعاونهم علي الخدمة في الاماكن المناسبة لهم .

وشجعهم علي الاتصال بمحيطهم الخارجي والانفتاح عليه عن طريق الرحلات التعليمية والثقافية الي المتاحف والمناطق الاثرية وزيارة المشروعات القومية وغيرها من المشروعات التي تعني بالتنمية والخدمات الاجتماعية الي جانب الرحلات التعبدية الي الاديرة والكنائس.

وفي الوقت نفسه تولي رئاسة قسم الدراسات الاجتماعية بمعهد الدراسات القبطية الذي عمل علي ضم نخبة ممتازة من اساتذة الجامعات اليه ولقد اهتم منذ البداية بالا يتحول القسم الي مجرد دراسات اكاديمية معزولة عن واقع الكنيسة والمجتمع فجعل منه ميداناً تطبيقياً تستطيع الكنيسة من خلاله ان تحقق المشروعات والخدمات التي تفتقر اليها وداب علي توجيه طلبته وخريجيه الي القيام بمشروعات عملية كانت لها فعاليتها في حياة الكنيسة فوضعوا باشرافه الاسس لتنظيم الرعاية في الكنيسة وذلك بواسطة سجلات للعضوية الكنسية التي يسهل من خلالها تتبع اعضاء الكنيسة ورعايتهم كما قاموا باعداد استمارات خاصة بهدف التعرف علي الانشطة الكنيسية وبذلك امكنهم حصر الكنائس والكهنة والخدام في كل كنيسة وملحقاتها وسائر الانشطة الروحية والتربوية والتعليمية والاجتماعية التي تقوم بها الايبارشيات والكنائس والجمعيات .

وفضلاً عن ذلك فقد ساهم في تنمية برامج معهد الدراسات القبطية وسائر اقسامه مثل قسم الموسيقي والالحان وقسم الفن وقسم الدراسات الافريقية ...وغيرها وانشا معهد ديديموس للمكفوفين وجهزه بمكتبة عامرة بكتب البرايل كما زوده بمطبعة صغيرة واصدر مجلة للمكفزفين بالحروف البارزة باسم مجلة ديديموس واتجه الاب مكاري الي القل الذي تعلق به وبدا فيه خدمته المباركة فاسس الدياكونية الريفية في صيف عام 1959 ووضع لها نظاماً يستهدف الرعاية الروحية والاجتماعية والتعليم الديني للقري المحرومة فكان الخدام ينتقلون من قرية الي قرية خمسة ايام كل اسبوع ثم يجتمعون لمناقشة خبراتهم في الخدمة القروية وتنظيم عملهم وشمل نظام الدياكونية الريفية اقامة المذابح المتنقلة التي اهتم بها شخصياً وصمم لها بنفسه الاواني وادوات المذبح وملابس الخدمة التي يسهل التنقل بها وهكذا اتيحت للقري المحرومة الفرصة لنوال بركة القداس الالهي وتناول الاسرار المقدسة ولقد اتسع نطاق خدمة الدياكونية وانتشرت حتي اصبحت خدمة اساسية تتولاها الايبارشيات .

وانصرف اهتمامه ايضاً الي تنمية القرية اجتماعياً واقتصادياً فانشا مراكز لتدريب اهلها علي استغلال الخامات المتوفرة في بيئتهم والقيام بحرف يدوية صغيرة في وقت فراغهم من اجل زيادة دخلهم والعمل علي توعيتهم بمبادئ الصحة الاولية وضرورة مراعاة قواعد النظافة وتنقية مياه الشرب بابسط الوسائل وتطوير المسكن في حدود امكانيتهم وتشجيعهم علي التشجير في اراضيهم وحول بيوتهم.

ولا جدال في ان منطقة الانبا رويس تعتبر من ابرز المناطق التي تحمل بصمات خدمته المباركة ومثابرته ونشاطه الدءوب والذين عاصروه وعرفوه عن كثب يذكرون مروره المتواصل في ارجائها وسط اشواكها واكوام القمامة المتراكمة فيها وهو يصلي ويرشها بالماء المقدس ضارعاً ان تعمر وتزهر وتصبح مركزاً للخدمة المقدسة والبركة وقد تحقق كل هذا فمن خلال مجهوداته تم وضع حجر الاساس لكاتدرائية مارمرقس في عام 1965 في حفل ضخم اشرف عليه بنفسه علي الاعداد له وحضره الرئيس السابق جمال عبد الناصر ومما يذكر انه في ذلك اليوم اعلن القمص مكاري ان تدشين الكاتدرائية سيتم بعد سنوات ثلاث اي في عام 1968 في مناسبة الاحتفال بمرور الف وتسعمائة عام علي استشهاد القديس مرقس الرسول ويومها لم يصدق احد هذا الوعد ولكنه عمل ليل ونهار حتي تحقق هذا الحلم وكرست الكاتدرائية في احتفالات مهيبة حضرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والامبراطور هايل سلاسي وممثلون عن جميع الكنائس الكبري في العالم كما تم استعادة البعض من رفات القديس مرقس من فينسيا (بايطاليا) تسلمه وفد من الاساقفة الاقباط من يد البابا بولس السادس بالفاتيكان .

vالانبا صموئيل الاسقف:

من العلامات المميزة في حياة الانبا صموئيل صلته الوثيقة والفريدة بمثلث الرحمات البابا كيرلس السادس بدات هذه العلاقة قبل ان يرسمه راهباً بيديه الطاهرتين حين كان القمص مينا المتوحد ونمت وتوطدت علي مدي الايام حتي نياحته فقد كان معلمه الاول ورائده في حياة الرهبنة واباه في الاعتراف وعندما تم اختياره لاعتلاء الكرسي البابوي عام 1958 اشرف القمص مكاري علي ترتيباترسامته وبذل في سبيل ذلك نشاطاً مرموقاً وصار واحداً من سكرتيريه الاربعة بعد ذلك وكان عمله الجديد بالبطريركية امتداداً لجهوده السابقة في الاتصال بالمسئولين علي كافة المستويات والعمل معهم علي معالجة سائر الشئون التي تهم الكنيسة وكان البابا يكل اليه المهام الصعبة وياتمنه علي مباشرة المسائل الدقيقة التي لايستطيع غيره القيام بها وكان مسئولاً عن استقبال ضيوف الكنيسة وترتيب لقاءاتهم مع قداسة البابا ومتابعة التعاون بين كنيسته ومختلف الكنائس في العالم والاشتراك في المؤتمرات العالمية التي كانت تدعي اليها الكنيسة.

وقد وقع عليه اختيار قداسة البابا ليكون اسقفاً عاماً وكان اول من اتجه اليهم نظره حين فكر في رسامة اساقفة يتولون مسائل عامة في الكنيسة واسندت اليه اسقفية جديدة اسماً ومضموناً ورسالة وهي اسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والشئون المسكونية.

وقد نص تقليد رسامته:

ابناءنا المباركين....

النعمة لكم والسلام من الله ابينا وربنا يسوع المسيح والبركة التي حلت علي الرسل الاطهار في علية صهيون تحل جميعكم .

ولما كانت الحالة العامة والاجتماعية بالنسبة لبعض ابناء كنيستنا المحبوبة التي اؤتمنا عليها من قبل الرب المسيح وما لاحظناه في كثير من الحالات التي ترد لنا يومياً بالنسبة لبعض العائلات التي كانت في الماضي متيسرة الحال واصبحت في حاجة الي من يرعاها ويهتم بامرها من كساء وغذاء وارشاد روحي يؤول الي سلامة الافراد واستقرار الاسر .

وكانت الحالة الاجتماعية بصفة عامة كاسعاف الملهوفين وسد اعوازهم وارشاد اولئك الذين يغترون بمظاهر الحياة الدنيا فيستسلمون لاهوائهم وعواطفهم او تستهويهم التعاليم الغريبة فيبتعدون عن كنيستهم ويتنكرون لعقديتهم وهم مسئولون منا شانهم في ذلك شان ابنائنا المخلصين لكنيستهم.

لذلك وقع الاختيار علي ابننا المبارك القمص مكاري السرياني فمنحناه بارشاد الروح القدس رتبة الاسقفية وسميناه الانبا صموئيل لكي يقوم بتنظيم الخدمات العامة والاجتماعية للشعب والاهتمام بتنظيم شئون ابنائنا المغتربين والشعوب والهيئات المتطلعة للكنيسة القبطية وماعهدناه فيه من النشاط والاستعداد الفطري والاخلاص في خدمة الكنيسة حتي برزت مكانتها في محيط مجلس الكنائس العالمي وظهرت ماثرها الجليلة علي مرالعصور والاجيال في تثبيت الايمان القويم ونشر المسيحية في كثير من بلاد العالم يوهله لهذه الخدمة التي دعي للقيام بها لكي يتخذ ما يجب وضعه من اقتراحات تقدم الينا للقيام بما يلزم من تنظيمات وتجيهات واشراف ومشروعات في مختلف نواحي الخدمة العامة والاجتماعية .

فعلي ابنائنا المباركين المهتمين والمشتغلين بهذه الخدمات ان يبادروا باستقباله كما يليق بمكانته منالاحترام والتبجيل والمودة الحقيقية ويقابلوه مقابلة الابناء لابائهم بالمحبة الروحانية ولا يخرجوا عن كل مايشير به من الارشادات الابوية والنصائح الدينية تحقيقاً للرسالة التي من اجلها وهبه الروح هذه الرتبة المباركة .

ونتوسل الي القدير ان يحقق الامال المرجوة من القيام بهذه الخدمة ويؤازر نيافة اخينا الحبيب الانبا صموئيل الاسقف في جهوده لتكون ثمارها مباركة ونتائجها محققة لخير الكنيسة والشعب وان يبارك نهصتنا ببركاته السمائية ويوحد صفوفنا ويقوي عزائمنا ويثبت كلمة الحق والاستقامة في نفوسنا ولعظمته الشكر دائماً.

صدر بالمقر البابوي في يوم الاحد المبارك الموافق 20توت سنة 1679ش

                                           30 سبتمبر سنة 1962م

وكان الانبا صموئيل ومنذ حداثته ينشغل بمشاكل الناس ويعمل علي حلها ويقدر احتياجات المحتاجين ويسعي الي تقديمها كانت خدمة هولاء هي شغله الشاغل وكان في كل يوم يحمل في قلبه العديد والجديد من الافكار التي يستهدف بها توسيع هذه الخدمة في دائرتها مع تعميق فاعليتها .

وكان في كل يوم يؤكد شعار خدمته ورسالته وهو ان تكون خدمة للجميع بغض النظر عن الجنس او اللغة او الدين كان ايجابياً في خدمته بل كانت ايجابيته تفيض علي العاملين معه وتعمل فيهم خدمة في حب وفي ايجابية دون سلبية خدمة لاتعرف التعصب او التطرف او التفرقة خدمة للفرد في كل موقع وبالتالي خدمة للكنيسة والوطن في كل يوم ولكل انسان.

كان عميقاً في فكر خدمته فكان يعطي الاولوية في تقديم الخدمات الي البعدين عن تمركزها من الفلاحين والعمال في اطراف المدن وفي المواقع النائية والريف مؤكداً دائماً ان هؤلا هم اخوتنا المحتاجون الي الخدمات الاساسية والضرورية العاجلة كان يري فيهم صوت الاية "اعبر الينا واعنا" وكان يسمع منهم ذلك الصوت الذي ردده مريض بيت حسدا " ليس لي انسان".

كان يؤمن باننا جميعاً اعضاء في جسد واحد حسب الفكر الروحي والكنسي الصميم فافراد الكنيسة والوطن اعضاء في هذا الجسد ومن خلال عضويتنا هذه لايمكن ان نترك بيننا اعضاء متعبة مجهدة او محطمة ممزقة وكانت دعوته الدائمة ان نسعي حثيثاً لخدمة جميع الاعضاء في كل موقع واتجاه وبكل وسيلة ممكنة وقدم نفسه قدوة في هذا فلم يغلق بابه يوماً في وجه انسان ولا امتنع او اعتذر عن مقابلة انسان مهما كانت انشغالاته او ارتباطته .

ومن منطلق هذه الروح كان يهتم اهتماماً بالغاً باحتياجات المرضي ويتابع حالاتهم بكل عطف ويبذل كل الجهد للتخفيف عنهم ويطرق كل الابواب سعياً لما استعصي من امراضهم .

ومن اجل توسيع نطاق ودائرة عمل هذه الخدمات سواء من جهة تعدد انشطتها وجوانبها او من جهة المدي الذي تنتشر فيه وتمتد اليه عمل علي تكوينجماعة تسمي "جماعة اخوة الكادحين" هدفها الامتداد بكافة الخدمات الاجتماعية راسياً بتعميقها وافقياً بالعمل علي انتشارها وانطوت المقدمة التي دبجها في دعوته لهذه الجماعة علي عمق لاهوت الرعاية الذي عايشه بقدر ما علمه:

(نحيكم ويسرنا ان نشرككم معنا في دراسة بعض ما يجول في خاطرنا بالنسبة لاخواتنا الكادحين وابناء الطبقات المحرومة من كافة الخدمات في الاحياء الشعبية والقري وما يعانونه من قصور في التعليم وضعف في الدخل وتعرض للامراض وماينتظر اولادهم من مستقبل غير مشرق خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة في وقتنا الحاضر انهم اعداد كبيرة تحتاج الي تفكير وعمل علي مستوي علمي وعملي فالعاطفة وحدها لا تكفي. وايماناً منا في محبة الله العظيمة التي تعمل في قلوبكم وشعوركم معنا بالمسئولية وبالواجب نحو ضرورة التفكير في حلول عملية لرفع مستوي معيشة هذه الطبقات باقامة مشاريع اضافية تزيد من دخلهم وتحفظ لهم كرامتهم الانسانية وتثير فيهم الشعور بالمسئولية وتفتح مجالات العمل امام ابنائهم بتدريبهم علي الحرف والمهارات المطلوبة في المجتمع.....

وايماناً منا بان الامكانيات الكثيرة العلمية والمادية التي لشعبنا العريق في الايمان والحضارة والمدنية والمشهورة بالمحبة والتضحية تستطيع ان تقدم خدمات مفيدة لهؤلا الكادحين وتعمل علي تنمية قدراتهم المحدودة للتمتع بحياة افضل ...

ايماناً منا بكل هذا اتخذنا لجماعتنا شعاراً هو : ساعد الناس ليساعدوا انفسهم...)

كان هذا منهج الانبا صموئيل في خدمة الفرد والفرد اقيم في الوجود لان خليقة الله الذي صنعه علي صورته ومثاله كان يؤمن بالفرد لذلك عاش يحفظ له كرامته ويسعي لينمي قدراته فلم يفقد الثقة يوماً في احد لانه كان يري في الفرد عطايا ومواهب وبركات وقد وضعها الله فيه وكل ما علينا هو ان نزيح عنها ما قد يعلوها من عوامل وتراكمات الزمن واتخذ في سعيه الي الارتقاء بالفرد شعاراً هو شعار سيده : "اما انا فقد اتيت ليكون لهم حياة وليكون لهم افضل"

وتميز منهج خدمته بالابتعاد عن اسلوب العتيق السهل وهو مد يد المعونة للمحتاجين بتقديم الحسنات والصدقات لما قد ينطوي عليه من امتهان لكرامة الفرد تلك الكرامة التي تعتبر اعز واغلي ما وضعه الله فيه واتجه الي العطاء التقي والمقدس الذي يساعد الفرد في اكتشاف قدراته ومواهبه والوزنات التي يملكها ليتاجر بها ويربح شعاره المثل القائل : (لاتعط الجائع سمكة بل علمه كيف يصطاد السمك).

وكان لهذا يرفض ان يتعلم الناس الدين كمجرد شعارات او نداءات في فكر سطحي اجوف او باسلوب نظري غير تطبيقي رفض هذا الفكر في كل مجالات التعليم الديني سواء بين البسطاء او بين المتعلمين في القرية او في المدينة لهذا عندما بدات الخدمات الريفية الروحية من اكثر من ربع قرن من الزمان صاحبها انشاء مراكزلتدريب الريفين علي ما يعود عليهم بالنفع والفائدة اجتماعياً واقتصادياً .

وبنفس الفكر تعمل مراكز تنمية المجتمع بين السيدات والفتيات اللائي تخلفن عن التعليم حيث يقدم لهن مع التعليم الديني والممارسة الروحية اشغال الابرة للفنون التلقائية وكل مايصلح تطويره كسلع سياحية والتدبير المنزلي والتغذية في حدود دخل الاسرة وكذلك الشئون الاسرية الي جانب التوعية بوسائل تحسين البيت وتنمية البيئة كما تهدف مراكز التدريب الحرفي الي اعداد ابناء الطبقات الكادحة اعداداً فنياً وعملياً وعلمياً لتخريج عمال متخصصين في كثير من الحرف التي تتطلبها برامج التعمير والتشيد في مصر .

اما الخدمة الخاصة بجامعي القمامة والتي تستهدف تحسين احوال معيشتهم فقد حظيت بالقسط الاكبر من جهد الانبا صموئيل ووقته كان يؤلمه ان يراهم يسكنون في عشش بداخلها زرائب (حظائر) الحيوانات ويقومون بفرز القمامة التي يجمعونها في احواش عششهم وظل يحاول جاهداً لتحسين اوضاعهم باسكانهم في بيوت منفصلة عن حظائر الحيوانات وبعيدة عن اماكن فرز القمامة واستبدال عربات نقل القمامة التي تجرها الدواب مكشوفة في الشوارع باخري ميكانيكية وقد اهتم باقامة الخدمات الروحية بينهم مع تقديم الخدمات الاجتماعية المختلفة بفتح العيادات الطبية وفصول محو الامية ونشر التوعية الاجتماعية عن الاسرة وتعليم السيدات والفتيات مايساعد علي تنميتهن.

ونالت الاحياء الشعبيةنصيبها من رعايته فزودت بالخدمات التي تهدف الي تطوير الانسان نفسه في كافة المجالات ومساعدته علي مقاومة العادات الضارة والتحرر من الافكار العقيمة التي لاتتصل بالدين او بجوهر حقائق الحياة في شئ .

ولم ينس الانبا صموئيل خدمة الطفولة فشجع اقامة الحضانات حتي تتحرر الام العاملة من القلق عندما تضطر الي ترك طفلها مشتتاً من مكان الي مكان او في ايد غير امينة وكان ينادي دائماً ان تصبح هذه المراكز علي المستوي التربوي اللائق للنهوض بمستوي الطفل واسرته صحياً ونفسياً واجتماعياً.

واحتلت الحياة الاسرية جانباً كبيراً من جهده وخدمته وتعود بداية اهتمامه بالاسرة الي ماسطره ضمن رسالة للماجيستر عن الاسرة القبطية تابع بعدها ابتداء من عام 1966 نشر سلسلة من المقالات عن الحياة الاسرية ركز فيها الدعوة الي ابطال العادات والممارسات التي لم تعد تتفق مع ظروف العصر الحاضر والتي ترهق العائلات في الافراح.

واهتم اهتماماً خاصاً برعاية العائلات ومساعدتها علي حل مشكلاتها وكتب في ذلك كتاب الاستشارات الاسرية كما عمل علي تنمية برامج التربية الاسرية للشباب وللمقبلين علي الزواج وللمتزوجين في مختلف مراحل حياتهم .

وعمل علي ابراز دور الكنيسة في الاهتمام القومي بتنظيم الاسرة فاستضاف عام 1975 مؤتمر مجلس كنائس الشرق الاوسط حول ( المشكلة السكانية ورفاهية المواطن العربي )وشارك في ابحاثه بمحاضرة عن (وجهة نظر المسيحية في تنظيم الاسرة)

وقد رأس المؤتمرات واللقاءت والحلقات الدراسية التي عقدتها لجنة الاسرة باسقفية الخدمات في القاهرة والاسكندرية ومختلف الايبارشيات.

واهتم بالشباب وبذل كل جهد لدعم الانشطة المختلفة التي تمكنه من شغل اوقات فراغه فيما ينفع والاستفادة بطاقاته المعطلة في كافة مجالات الخخدمة لاسيما في وقت العطلات ولم يكن يدخر جهداً في اكتشاف تلاميذه بكل ترو وحنكة ويبحث لهم عن الفرص التي تدفعهم الي النمو في خدمتهم سواء بالدراسة في الخارج علي منح دراسية او بالزيارات الميدانية لتوسيع افاقهم وقد تميز بمقدرة خاصة علي توجيه الخادم المناسب الي المجال الذي يتناسب معه وكان يثق في اولاده ويؤمن بقدراتهم ويحترم اراءهم ويسعي الي تنمية حياة الشركة المسيحية فيما بينهم ويفرح لنجاحهم فاذا اخطاوا قومهم بمحبة الاب بتوجيهه الحاني احياناً وبتوبيخه المعنف احياناً اخري .

كل هذا قليل من كثير لايمكن ان تحتويه هذه النبذة ولكنه يلقي الضوء علي فكر وجهد وبذل الانبا صموئيل في مجالات الخدمة التي هي ارتقاء بالفرد واعلاء لطاقاته وامكانيته واسعاد لحياته ومن اجلها وضعت برامج الخدمات المختلفة واقيمت الندوات والمؤتمرات الدراسية والحلقات التطبيقية في كافة المجالات والتي كان يدعو لادارتها وقيادتها المتخصصين من الشخصيات العلمية والاجتماعية ومن اساتذة الجامعات في كافة التخصصات والمؤتمرات السنوية للنشاط الاسري والتوعية به وكانت اتصالات الانبا صموئيل دائمة وساهرة في التلاقي مع كافة الجهات العلمية والوزرات والهيئات والمجالس المتخصصة فضلاً عن الاتصالات النابعة عن العلاقات الشخصية وكان الجميع يرحبون ويسعدون بالتعاون معه في حب اكيد اعلنته الدولة مشكورة في مواقف عديدة تعاون من اجل بناء وتنمية الفرد الضعيف ليتحول من عبء وحمل علي الوطن الي دعامة وركيزة وطاقة مثمرة عاملة فيه.

vالماساة المروعة:

ولم يكن هناك شخص يتوقع ما حدث بالفعل اثناء الاستعراض فقد كان الانبا صموئيل مدعواً لحضوره وله مكان علي المنصة الرئيسية ولما وصل الي المكان اختار الصف الخلفي علي ان الرئيس السادات ما كاد يلمحه حتي اشار اليه واجلسه خلفه مباشرة .

وبدا الاستعراض بابهته المعتادة وفجاة قفز ضابط وقفز خلفه غيره وصوبوا مدفعهم الرشاشة علي الرئيس والمحيطين به فانبطح رجال الجيش بحركة الية تبعاً لما تدربوا اما الانبا صموئيل فظل واقفاً بوصفه اسقفاً وسليلاً للشهداء الا ان يظل منتصباً فصوب مغتالو الرئيس مدافعهم الرشاشة عليه فسقط مضرجاً بدمائه الطاهرة ونقل مع غيره الي المستشفي.

ولقد شهد الاطباء بالمستشفي الحربي الذي نقل اليه انبا صموئيل عقب حادث اطلاق الرصاص علي منصة الاستعراض العسكري انه عند وصوله نطق باربعة عبارات

" ازاي الريس السادات... رقم تليفون اخي (كذا) .....رقم تليفون اسقفية الخدمات (كذا)...انا عندي سكر واخر تحليل كان 150" وهكذا كان رجل الجميع والعقل الواعي لكل الظروف حتي اخر لحظة في حياته.

ولكنه استودع روحه الامينة في فاديه الحبيب في غروب ذلك اليوم نفسه وهكذا انتهت حياته الغالية بالاستشهاد لكي يتضاعف اجره عنده ذاك الذي لاينسي كاس ماء بارد اعطي باسمه.

   ولتكن بركة صلواته مع جميعاً امين