البابا غبريال السابع
البابا غبريال السابع
( البطريرك 95 )
- عائلته و موطنه و رهبنته
كان يعرف بإبن مهنا من منشية أبو عايشة التى هى بجانب المحرق و كان والده القمص جرجس رافائيل خادم بيعة الشهيد مرقوريوس أبى سيفين بمصر و ترهب بدير السيدة المعروفة بدير السريان بإسم الراهب رافائيل ( ذيل فوه ص184 "أ" و إبن الراهب ص 243"أ" ).
- إختياره للبطريركية
و ظل كرسى البطريركية خالياً مدةتقرب من سنة و ثمانية شهور ثم إجتمع الآباء الأساقفة مع أراخنة الشعب لإختيار أحد رهبان الأديرة ليكون بطريركاً فقر رأى جميعهم بعد بحث طويل على إختيار الراهب القمص رافائيل ليكون بطريركاً ( كتاب 15 تاريخ ص297"أ: و إبن الراهب ص243"أ" و ذيل فوه ص184"أ".
- إقامة البابا غبريال السابع بطريركاً
و قد تمت رسامة الراهب رافائيل جرجس بطريركاً بإسم غبريال السابع البطريرك ( 95 ) فى يوم الأحد المبارك 4 بابه 242ش الموافق أول أكتوبر سنة 1025م فى أيام السلطان المظفر سليمان ابن عثمان و كان المتولى بمصر أحمد باشا الوالى ( ابن الراهب ص243"أ" و ذيل فوه ص184"أ" ).
- أعماله مدة البطريركية
بذل هذا البابا مجهوده نحو عمار الأديرة الشرقية أى دير الأنبا أنطونيوس و دسر الأنبا بولا بالعربة و دير الميمون كما وجه همته أيضاً إلى عمارة الأوقاف.
كما قام بتعمير قصر دير المحرق و القلالى و السور. و كان أهل مصر يتهمونه ظلماً بجمع المال مع أنه كان يبذل جهوده فى جمعه للقيام بصيانة أبنية الأديرة و عمارتها و الأوقاف الأخرى و البيع و الكنائس.
و قد عاد دير الأنبا بولا إلى خرابه فى أثناء رئاسة هذا البابا إذ سطا غليه عريان بنى عطية و نهبوه و شنقوا فيه أحد الرهبان و أخذوا أوانى البيعة و تركوا الدير خرباً خالياً من الرهبان فحزن جداً البابا عليه و إهتم به ثانياً و عمره لأنه كان شديد الغيرة على عمارة الأديرة.
و كان لهذا البابا مركزاً كبيراً بين شعبه كما كانت له سطوة فائقة الحد على جميع النصارى ( إبن الراهب ص243"أ" و 244 و كتاب 391 طقس بدير أنطونيوس ).
- عودة أثيوبيا إلى أحضان الكنيسة المرقسية
لما تنيح الملك داود الثانى فى 2 سبتمبر سنة 1540 ميلادية الذى كان سبباً فى الإنشقاق الذى حصل بين الكنيستين الأثيوبية و الإسكندرية قام مكانه إبنه المبارك اقلوديوس المعروف باسم سجاد الأول فاعتلى كرسى مملكة الحبشة فى سنة 1540م .
و كانت باكورة أعمال الملك اقلوديوس أنه أوقف البطريرك البرتغالى يواز بارمودز عند حده و أعلنه أنه إذا أراد البقاء فى بلاد الحبشة فلا يعتبر نفسه أكثر من ضيف واجب إكرامه لأنه لا يريد أن يمون خاضعاً لغير بطريرك الأقباط و لا تابغاً لغير كنيسته.
و أرسل هذا الملك الأرثوذوكسى الغيور فى الحال وفداً من قبله إلى غبطة البابا غبريال السابع البطريرك (95) و طلب إليه أن يرسل له مطراناً فوقع إختيار البابا لهذا المركز الدينى السامى على رجل يسمى يوسف باسم المطران يوساب الثالث فى سنة 1547م ( شين ص268 ).
و بعد رسامة الأنبا يوساب الثالث بارح القطر المصرى مع الوفد الحبشى و الحاشية الخاصة به قاصداً كرسيه و لما وصل قابله جلالة الملك اقلوديوس و رعيته بإكرام زائد و إنشراح خاطر و هكذا عادت العلاقات بين الأقباط و الجبش إلى ما كانت عليه قبلا بعد أن تعطلت نحو ثمانين سنة. أمل المطران اللاتينى فلما رأى تزعزع مركزه الدينى و أنه أصبح وحيداً عاد إلى بلاده و بقى بها حتى مات.
و يصف المؤرخون اقلوديوس هذا بالشجاعة و البسالة و قيل أنه لما أحس بأن المسلمين قادمون لمحاربته خرج من بلاده لمقاتلتهم و لما دار القتال بينه و بينهم ، إنذعر عساكره من شدة نيران العدو فتركوه و ولوا الأدبار و لم يبق معه إلا عشرين نفراً من خيالته و ثمانى عشر جندياً من البرتغاليين فصاروا يقاتلون حتى هلكوا عن أخرهم فقطع المسلمون رأسه و أخذوه و علقوه و بقى معلقاً نحو ثلاث سنين حتى إشتراه رجل تاجر أرمنى من أنطاكية و أخذه و دفنه بالإكرام اللائق ( تاريخ الأمة القبطية ليعقوب بك نخله ص246 و 247 ) .
- تحويل نظر بابا رومية إلى ضم أقباط مصر
و لما خابت مساعى ملك القسطنطينية يوحنا الثامن كما سبق ذكره فى إيجاد الإتحاد بين الروم و الاتين حول بابا رومية نظره إلى ضم أقباط مصر إليه. و لما رأى أنهم يقاسون من المسلمين العذاب أشكالاً و لا سيما منذ خضعت مصر لملوك آل عثمان فإن الولاة كانوا يفضلون الروم عليهم إتخذ ذلك فرصة مناسبة لإخضاعهم لرئاسته و جعلهم تحت حمايته ( تاريخ الأمة القبطية ص247 ). فأرسل رسلاً إلى البابا غبريال يطلب إليه إنضمام الكنيسة القبطية للكنيسة اللاتينية فقابلهم الباب غبريال بكل لطف و أعلمهم بكل تأدب فى الحديث أنه لا ينحرف قيد شعره عن التمسك بعقائد و طقوس كنيسته المقدسة فإلتمس منه رسل اسقف رومية بما له من النفوذ على بلاد الحبش أن يطلب من ملكها أن لا يمس الكاهنين الرومانيين بسوء فسمح لهما الملك بالإقامة فى بلاده إكراماً لخاطر البطريرك. و لكنهما لم يحسنا سيرهما و إشتهرت رداءتهما فسخط عليهما الأحباش و كادوا يقتلونهما فقدما تقريراً للأسقف الرومانى يقولان فيه أن الحبشة لا ترتد عن إيمانها إلا بقوة السيف فاستدعاهما البابا الرومانى إليه و تم بذلك خذلان بابا رومية فى جذب الحبشة إليه ( تاريخ الكنيسة للقمصر منسى ص608 )
- مدة إقامته على الكرسى الرسولى
و أقام البابا غبريال على الكرسى الرسولى مدة ثلاثة و أربعين سنة و خمسة و عشرين يوماً ثم تنيح فى يوم الثلاثاء المبارك 29 بابه سنة 1285ش الموافق 26 أكتوبر سنة 1568م و كان سبب نياحته أن السلطان فرض على جميع التجار و الخواجات و اليهود و من جملتهم النصارى ألفين دينار بسبب سفر الجيش المتوجه به سنان باشا الوزير العثمانى فتوجه البابا حزيناً و هارباً من شره إلى دير القديس أنطونيوس بالميمون فعند وصوله إلى الميمون نزل المعدية فمات فيها. و لما تنيح لم يجدوا عنده شيئاً من المال غير ما يتعلق بالبطريركية ( إبن الراهب ص243"أ" و 244 و كتاب 391 طقس بدير أنطونيوس )
- نياحته و تخليد ذكراه بكنيسة القديس أنطونيوس
و قد سجل مجمع دير أنبا انطونيوس ذكرى وفاة البابا غبريال السابع على حائط كنيسة أنبا أنطونيوس تحت صورة القديسين أنبا أنطونيوس و أنبا بولا بالجملة الأتية:
" و لما كان بتاريخ يوم الثلاثاء المبارك تاسع عشرين بابه المبارك سنة ألف و مائتين و خمسة و ثمانون للشهداء الأطهاررزقنا الرب ببركاتهم تنيح السيد الآب البطريرك العظيم فى البطاركة بكرسى مرقس و كانت نياحته فى أحضان رهبان هذا الدير المقدس التحتانى على شاطئ البحر لقوة عزيمته الطاهرة و نقل جسده الطاهر إلى مصر المحروسة فى 25 هاتور سنة تاريخه أعلاه و جنزناه فى بيعة الشهيد العظيم مرقوريوس بمصر و دفن بها فى مقبرة جديدة تحت جسد مرقوريوسز و أما عدة الكهنة و الأساقفة الذين حضروا تجنيزه ثانياً خمسة و ثمانون كانوا و أما الشعب فلا يحصر عددهم. و أقام هذا الأب المكرم على الكرسى المرقسى ثلاثة و أربعين سنة و كسر. و رعى شعب الله أحسن رعاية. و كان ذا إجتهاد بليغ فى عمارة الديارة و الكنائس و ترميمها و تشييدها و من جملتها هذا المجمع المقدس المعروف بدير العربة سكن أبينا العظيم أنطونيوس فإنه هو الذى فتحه فى أيامه. عمره الله بالدوام. وجعل اليمن و الكثرة فيمن يحميه من الرهبان بعد أن كان له مدة مستطيلة خراب لم يقدر أحد على فتحه و عمارته غير هذا الأب و ضاده عدو الخير عدة مرار فى خرابه و البر سبحانه لم يتم أمر العدو فى ذلك".
" و تنيح هذا الأب و عامر بالرهبان و كان فى هذا الدير أكثر الأيام الرب الإله سبحانه يعمر هذا الدير المقدس بطلباته إلى النفس الأخير و ينيح نفسه فى فردوس النعيم و يرحم كاتبه بصلاته آمين و الشكر لله دائماً". و قام مجمع هذا الدير بتسجيل هذه الذكرى أيضاً فى كتاب رقم 391 طقس المحفوظ بمكتبته.
و لم يكتف بذلك مجمع الدير بل قام بتحليد ذكرى هذا البابا الجليل فى كتب مكتبة الدير فجاء فى آخر كتاب رقم ( 209 ) لاهوت الحاشية الأتية:
" و لما كان تاريخ يوم الثلاثاء المبارك 29 بابه المبارك سنة 285ش تنيح السيد الأب البطريرك العظيم فى البطاركة أنبا غبريال ( 95 ) فى عدد الآباء البطاركة و إنتقلت نفسه الطاهرة إلى مساكن الأبرار فى محل الأنوار بعد أن أقام على الكرسى المرقسى 43 سنة و كسر. و الشهر ال1ى تكرز فيه " أرشى أروس " ( أرشى أروس هى كلمة قبطية تغنى رئيس الكهنة ) تنيح فيه أيضاً".
" و كان هذا الأب طويل القامة و معتدل الخلقة و روح القدس حال عليه و كان له إجتهاد بليغ فى الصلاة و الصوم و النسك الثقيل مع الإجتهاد البليغ البشر فى عمارة الأديرة وتشييدها أتم غاية و كان له بهم فرحاً زايداً و قاسى شدايد من قبلها و فرحاً عظيماً من أجل ثباتها. و فتح فى زمانه دير القديس الطاهر العظيم أنبا أنطونيوس بالعربة و عمره عمارة حسنة الروحانية و الجسدانية. و كذلك دير القديس العظيم أنبا بولا فوقاً منه. و عمر دير القديس العظيم أنطونيوس المعروف بدير الجميزة سكن أنطونيوس. أولا عمارة جديدة تعجز عنها طاقة البشر. و تنيح فى أحضان آبائنا القديسين إبراهيم و إسحق و يعقوب فى فردوس النعيم و يرعانا الرب بطلباته و يخلصنا من خطايانا بصلاته و يفتح لنا أبواب رحمته".